رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلَتْ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَِ **** رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ****رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ****رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلْ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ * رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ


الإحتراق الوظيفي

الاحتراق الوظيفي (Burned out) حالة يصل اليها الموظف يفقد فيها الموظف الرغبة في العمل، علاوة على تدني الانتاجية والتطوير في اداء اعماله، وعادة ما تصيب الفرد عندما يمكث في عمله بدون أي تغيير او تطوير من مدة سبع سنوات وأكثر.
لذلك بادر العديد من الشركات والبنوك في الدول الصناعية الى تفادي هذه الحالة قبل حدوثها وذلك بأن تعمل على ان لايمكث الموظف في عمله اكثر من 5 سنوات ومن ثم يتم نقله الى قسم او ادارة اخرى لكي يكتسب مزيداً من الخبرة والمعرفة، والتغيير بدافع حفزه لمزيد من الانتاجية والحماس للعمل، وايضاً لتفادي وقوعه في مصيدة الاحتراق الوظيفي، وفي المملكة والدول العربية هناك بعض الشركات والبنوك التي تعتمد على هذا المنهج الاداري الحميد، وشركة ارامكو السعودية من ابرز الشركات الرائدة في المنطقة التي تعمل بهذا المنهج الاداري الفعال. ولكن في القطاع الحكومي في المملكة والدول العربية نجد ان الموظف قد يمكث في وظيفته بدون تغيير او تطوير مدة طويلة قد تصل الى 20 عاماً وربما بعض الموظفين يبدأ مسيرته العملية ويتقاعد وهو في قسم او ادارة معينة بدون اي تطوير او تغيير.
ولاشك ان مثل هذا الموظف والاداري يكون فريسة سهلة للاحتراق الوظيفي، وبالتالي ضحية سائغة لاسلوب ونظام العمل غير المرن، كما ان الادارة والجهاز الذي يعمل فيه ضحية ايضاً، لأن أداء وانتاجية الادارة والجهاز الذي يعمل فيه ستكون متدنية جداً بل قد تكون معدومة، مما يؤثر حتماً على انتاجية وكفاءة الجهاز الاداري ككل.

يعتبر (هربرت فردنيرجر) المحلل النفسي الأمريكي أول من أدخل مصطلح الاحتراق النفسي burnout الى حيز الاستخدام الأكاديمي وذلك عام 1974م، وناقش تجاربه النفسية التي جاءت نتيجة تعاملاته وعلاجاته مع المترددين على عيادته النفسية في مدينة نيويورك. ولكن أعمال كرستين ماسلاك Maslach اساتذة علم النفس بجامعة بيركلي الأمريكية مثلت الريادة في دراسة وتطوير مفاهيم الاحتراق النفسي.
وقد عرفت ماسلاك الاحتراق النفسي بأنه مجموعة أعراض من الاجهاد الذهني والاستنفاد الانفعالي والتبلد الشخصي، والاحساس بعدم الرضا عن المنجز الشخصي والأداء المهني. وعادة ما يكون هناك لبس وغموض عن مفهوم الاحتراق النفسي وارتباطه بالضغوط النفسية نتيجة التداخل في التعريف بين المصطلحين. ويمكن التفريق بين هذين المصطلحين في ثلاث خصائص:
1 يحدث الاحتراق النفسي من ضغوط العمل النفسية نتيجة تضارب الأدوار وازدياد حجم العمل.
2 يحدث الاحتراق لهؤلاء الذين عادة ما يتبنون رؤية مثالية لأداء الأعمال والاضطلاع بالمسؤوليات المهنية.
3 يرتبط الاحتراق عادة بالمهام التي يتعذر على الشخص تحقيقها.
ويرى باحثون آخرون أن الاحتراق النفسي هو المحصلة النهائية او المرحلة المأساوية المتطرفة للضغوط المهنية، أي ان الاحتراق هو عرض من أعراض الضغوط النفسية.ويحدث الاحتراق النفسي عندما لا يكون هناك توافق بين طبيعة العمل وطبيعة الانسان الذي ينخرط في أداء ذلك العمل. وكلما زاد التباين بين هاتين البيئتين زاد الاحتراق النفسي الذي يواجهه الموظف في مكان عمله. واشارت ماسلاك الى أن جذور وأساس الاحتراق النفسي يكمن في مجموعة عوامل تتركز في الظروف الاقتصادية والتطورات التكنولوجية والفلسفة الادارية لتنظيم العمل. وقد حددت ماسلاك مجموعة عوامل تنظيمية مؤسسية تؤدي الى الاحتراق النفسي لدى الموظفين والعاملين في بعض الشركات والمؤسسات والهيئات على النحو التالي:
1 ضغط العمل.. يشعر الموظف بأن لديه أعباء كثيرة مناطة به، وعليه تحقيقها في مدة قصيرة جدا ومن خلال مصادر محدودة وشحيحة.
وكثير من المؤسسات والشركات سعت في العقود الماضية الى الترشيد من خلال الاستغناء عن أعداد كبيرة من الموظفين والعمالة، مع زيادة الأعباء الوظيفية على الأشخاص الباقين في العمل، ومطالبتهم بتحسين أدائهم وزيادة انتاجيتهم.
2 محدودية صلاحيات العمل.. إن احد المؤشرات التي تؤدي إلى الاحتراق النفسي هو عدم وجود صلاحيات لاتخاذ قرارات لحل مشكلات العمل.. وتتأتى هذه الوضعية من خلال وجود سياسات وأنظمة صارمة لا تعطي مساحة من حرية التصرف واتخاذ الاجراء المناسب من قبل الموظف.
3 قلة التعزيز الايجابي.. عندما يبذل الموظف جهدا كبيرا في العمل وما يستلزم ذلك من ساعات اضافية وأعمال ابداعية دون مقابل مادي او معنوي يكون ذلك مؤشرا آخر عن المعاناة والاحتراق الذي يعيشه الموظف.
4 انعدام الاجتماعية.. يحتاج الموظف احيانا الى مشاركة الآخرين في بعض الهموم والأفراح والتنفيس، لكن بعض الأعمال تتطلب فصلا فيزيقيا في المكان وعزلة اجتماعية عن الآخرين، حيث يكون التعامل أكثر مع الأجهزة والحاسبات وداخل المختبرات والمكاتب المغلقة.
5 عدم الانصاف والعدل.. يتم احيانا تحميل الموظف مسؤوليات لا يكون في مقدوره تحملها. وعند إخلاله بها يتم محاسبته. وقد يكون القصور في أداء العمل ليس تقاعساً من الموظف، ولكن بسبب رداءة الأجهزة وتواضع امكانياتها ومحدودية برامجها، اضافة الى امكانية وعدم وجود كفاءات فنية مقتدرة لأداء الواجبات المطلوبة.
6 صراع القيم.. يكون الموظف احيانا امام خيارات صعبة، فقد يتطلب منه العمل القيام بشيء ما والاضطلاع بدور ما ولا يكون ذلك متوافقا مع قيمه ومبادئه، فمثلاً قد يضطر عامل المبيعات أن يكذب من أجل أن يمرر منتجا على عميل، او غير ذلك من الظروف والملابسات.
وتكثر أعراض الاحتراق النفسي في اوساط المهن التي يكون فيها التعامل مع الجمهور، والتي عادة تتطلب مواجهة مباشرة او استيعابا دقيقا لآراء واتجاهات الناس، والتي تعد محكا أساسياً في تقييم أعمال المشتغلين بتلك المهن.

والاحتراق النفسي مرض عصري شائع، فما من مجال من مجالات حياتنا المعاصرة إلا ونراه مُحملا بتناقضات اجتماعية وضغوط نفسية.
وقد حظيت ظاهرة الاحتراق النفسي باهتمام العديد من الباحثين نظرا لآثارها السلبية على الناس في مجال العمل والانجاز.
وترتبط هذه الظاهرة بمفهوم أمراض الحضارة التي تصيب الكثيرين منا من خلال الأزمات المجتمعية العديدة، إنها بلايا آخذةٌ بأعناق بلايا، ونجمت عن ذلك بالضرورة وبالدرجة الأولى الضغوط النفسية التي يواجهها إنسان اليوم، ومنها ضغوط العمل والتي تؤدي إلى حالة من الإنهاك البدني والعقلي والانفعالي والدافعي نتيجة للزيادة المستمرة في الأعباء والمتطلبات الواقعة على كاهل الفرد وعدم مقدرته على تحملها، ولاسيما عندما لا تتطابق الطموحات مع الواقع الفعلي الذي يستطيع تحقيقه بالفعل.

وتتداخل ظاهرة الاحتراق النفسي للشخص مع ظواهر أخرى متشابكة ومنها اتجاهات الفرد نحو المهنة، والرضا الوظيفي، وكفايات الموظف، والتفاعل الاجتماعي، والسلطة الإدارية.
وربما يعد اتجاه الفرد نحو المهنة هو المحدد الأساسي لمدى تحمله للمهنة وضغوطها النفسية والجسمية، وبالتالي للاحتراق النفسي الذي يواجهه.
وثمة اتفاق على أن كلمة السر لنجاح الفرد في عمله هي اتجاهاته الإيجابية نحو مهنته ونحو مجتمعه بصفة عامة، لأن هذه الاتجاهات هي القاعدة التي ينبني عليها معظم النشاطات العملية، كما أن الاتجاهات نحو مهنته هي مفتاح التنبؤ بأنموذج الجو الاجتماعي الذي سوف يؤكده الفرد في ميدان عمله، وأن الاتجاهات الإيجابية هي ركيزة معظم النشاطات الوظيفية الناجحة.
وتلك الظاهرة والتي قد تعبر عن عرض استجابي للضغوط النفسية سوف تلقي بظلالها على الأداء المجتمعي بصفة عامة، وعلى الأداء الوظيفي للفرد بصفة خاصة، أما من ناحية التعليم فقد أوضح فاربر أن الاحتراق النفسي مشكلة أساسية من مشكلات التعليم، وأوضح أنه من خلال مراجعته للدراسات السابقة في هذا المجال أن ما بين 5% إلى.6% من المدرسين في المجتمع لديهم احتراق نفسي !
ومن هنا تأتي أهمية ذلك الموضوع، حيث يمثل موضوعا حيويا ومؤثرا في حياتنا المعاصرة.
والاحتراق النفسي تعبير جديد ويعتبر نبرجر أول من استخدم مصطلح الاحتراق النفسي، ويرى بيرمان وهارتمان أن الاحتراق النفسي هو استجابة لاستنزاف عاطفي مزمن يتمثل في ثلاثة أبعاد هي: الإجهاد النفسي العاطفي، وإنتاجية العمل المتدنية، والتعامل مع العملاء.
ويذهب مارتن إلى أن مصطلح الاحتراق النفسي إنما يشير إلى عرض استجابي لضغوط يمر بها الفرد ويتضمن:
- الإنهاك الانفعالي.
- الاستجابة العدائية نحو الآخرين.
- الإحساس بنقص الإنجازات الناجحة أو الكفاءة والاقتدار.
بين الانهاك والاحتراق

وبصفة عامة أرى أن الاحتراق النفسي هو حالة تدهور نفسي ناتجة عن زيادة الحساسية للضغوط المجتمعية، مما ينتج عنه أحاسيس سلبية ومن ثَم سلوكيات انسحابية من المجتمع.
والفرق بين الاحتراق النفسي والانهاك النفسي ان الإنهاك النفسي كما يرى وندل هو مرحلة متقدمة من الإجهاد، ويتولد عن زيادة الإجهاد نتيجة لتعرض الفرد للضغوط والخبرات المؤلمة وعدم قدرته على مقاومتها.
والإنهاك يعد مرحلة وسيطة إلى الاحتراق النفسي، حيث ان الترتيب المتسلسل كما يلي: إجهاد نفسي، ثم يأتي الانهاك النفسي، وأخيرا الاحتراق النفسي.
ومعنى الاجهاد ضغوط نفسية تقع على الفرد متزايدة مع كر الأيام، فتمسي عبئا ثقيلا، وقد لا يستطيع المرء التكيف معها، فيحدث الإنهاك النفسي، فإذا استمرت المعاناة انقلب الإنهاك إلى الاحتراق، أي أن الفرق بين الإنهاك والاحتراق النفسي فرق في الشدة والحدة.
ويمكن تلخيص العلاج المناسب بكلمة واحدة هي "خفض نسبة التوتر" التي يتعرض لها الفرد.

وهناك دور آخر يتصل بشخصية الموظف وقدرته على تحمل الإحباطات:
- فكلما زادت نسبة ذكاء الفرد - كما تشير الدراسات - زاد تحكمه في الكثير من مصادر الضغوط، فالفرد الأعلى ذكاءً أكثر قدرة على التعامل مع المواقف الجديدة، وأكثر قدرة على النجاح، وأكثر قدرة على التوافق الشخصي والاجتماعي.
- وكذلك كلما زادت الخبرات في مجال أو مجموعة مجالات، كان الفرد أقدر على التعامل مع الموقف.
إن موضوع الاحتراق النفسي ليس موضوعا ثانويا يمكن الغض من خطورته، بل هو موضوع شائك وحيوي ويؤثر سلبا في أداء الأفراد، لذا سيظل الموضوع في حاجة إلى المزيد من الاجتهادات والرؤى لتزيد قدرة الفرد على التفاعل المهني والذي هو أساس البناء والنهضة.

ليست هناك تعليقات:

مفهوم القمع التسويقي وأثره على نجاح حملاتك التسويقية

  قدمت العديد من الدورات التدريبية والمحاضرات في مجال التسويق الالكتروني وأعتمد دائما على ايصال فكرة القمع التسويقي ولاحظت ان اغلب ...